آفاق بيئية : د أحمد زكى ابو كنيز
للمرة الخمسين و تحت شعار “دحر التلوث البلاستيكى” يحتفل العالم هذا العالم بيوم البيئة العالمى 2023. و لكن لماذا البلاستيك؟
فى البدء كان البلاستيك ثورة و ربما درة صناعة البتروكيمايات لما يتصف به من مرونة و سهولة التشكيل و قابليته للانتاج فى أحجام و أشكال متعددة و تم استخدامه فى كافة مناحي الحياة. و كان من نتيجة ظهوره منافسة الأقمشة و الورق و الخشب …الخ.
فى الكثير من الاستخدامات, حتى أصبح يشكل ما يقارت 80 في المائة من أدواتنا التى نستخدمها يوميا. وأصبح الإنتاج العالمي من البلاستيك يقارب النصف مليار سنويا. أما فى مصر فهناك بعض التقديرات تقول أننا نستخدم ما يزيد عن 16 مليار كيس بلاستيك، فى حين ان مصر تنتج قرابة 900 ألف طن سنويا. نصف هذه الكمية يتم التخلص منها بالحرق. و هذا كارثة فى حد ذاتها حيث تنطلق منه مادة الديوكسين، وهى حزمة من المركبات السامة الشديدة الضرر للانسان, والتى لو استنشقتها السيدات الحوامل فإنه تصل الى أجناتهن عبر المشيمة .
و لكن قناعتي الشخصية أن عملية التخلص من البلاستيك نهائياً من حياتنا لن تكون امراً ميسوراً بل هدفاً ليس قريب المنال بالنظر الى الكمية الضخمة التى تنتج سنويا. و تغلغلها فى كافة مناحي الحياة. ووجود أنشطة اقتصادية ضخمة تعتمد عليها، و عدم وجود بديل ميسور رخيص تتوفر له هياكل صناعية و تجارية. كل هذا سوف يعيق عملية التحول, ويضاف الى ماسبق قناعة الناس بذلك و هي ربما تحتاج الى مجهود كبير فى عملية التوعية و الإعلام ثم تغيير السلوكيات و الاتجاهات حيال استخدام البلاستيك .
و مع ذلك لابد ان نبدأ من الآن. فالواقع يقول أن العالم قد تأخر كثيرا فى هذه الخطوة , او لنقل ان كثيرا من الجهات و الهيئات و الدول تنادي منذ عدة سنوات فى هذا الاتجاه، و لكن على استحياء. أما الآن فأرى أن الدعوة كوكبية و تبنتها الدول و الحكومات و المنظمات الأهلية ووسائط الاعلام المختلفة …. الخ .
أعود فأقول ان الاحتفال هذا العام يتخذ شعارا هاما. يتوجب علينا ان نشارك فيه للحفاظ على حياتنا وتحسين بيئتنا المتضررة و التى ستؤثر علينا بالسلب, و هذا الشعار هو “دحر الملوثات البلاستيكية” .. أى نتوقف عن استخدام البلاستيك و نبحث عن بدائل له فى كافة مناحي حياتنا .
أتصور ان الأمر يحتاج المزيد من جهود الحكومات و منظمات المجتمع المدنى و الإعلام فى توضيح القضية و تبسيطها و النزول بها الى مستوى رجل الشارع و الاخذ بيد الجميع من أجل التخلص التدريجى من البلاستيك فى حياتنا للوصول الى التخلص النهائي منه.
و أعتقد ان الوصول الى هذا الحلم البعيد/القريب و الصعب/اليسير يمر عبر بوابات عده منها التوعية و التعليم ثم تغيير الاتجاهات و السلكويات حيال استخدام البلاستيك، عبورا الى مرحلة تبني الفكرة فى البحث عن استخدام البدائل الآمنة للبلاستيك. و يصاحب كل ذلك إيجاد بديل ملائم مناسب ميسور الحصول عليه وبثمن مساو او اقل من البلاستيك.
و اخيراً و ليس اخراً التدخل التشريعى بسن القوانين التى تحد ثم تمنع استخدام البلاستيك مع تفعيلها.. فقديما قالت العرب قولاً مأثوراً لا يخل من الحكمة : “أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”.
و فى النهاية أدعو جميع فئات المجمع و منظمات المجتمع المدنى و الإعلام بكافة صوره وأشكاله الى تبني هذه القضية الهامة. بالاضافة الى كافة البرلمانات و الجهات التشريعية محليا و عالما الى وضع التشريعات الفعالة فى قوانينها المحلية للمنع التدريجى لتصنيع و تداول البلاستيك و صولاً الى عالم خال من الملوثات البلاستيكة.
و كل عام و حضراتكم بخير مع خالص تحياتى البيئية للجميع.