المياه العادمه تساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

محمد التفراوتي21 مارس 2017آخر تحديث :
المياه العادمه تساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

في يوم المياه العالمي

 

آفاق بيئية : محمد عبد الرءوف

 يتم إعادة تدوير كل قطرة ماء على وجه الأرض وتستخدم مراراً وتكراراً، إلي ما لا نهاية، من خلال نظم التنقية المرتبطة بدورة الماء في الطبيعة. وفي المجتمعات الحديثة، يستخدم البشر العمليات الميكانيكية والفيزيائية والبيولوجية لمعالجة المياه العادمة لجعلها قابلة للاستخدام في مختلف الأنشطة التنموية .

خصصت الأمم المتحدة 22 من مارس من كل عام للاحتفال “باليوم العالمي للمياه” WWD. ففي كل عام، يسلط يوم المياه العالمي الضوء على جانب محدد من المياه العذبة. وتحت شعار “المياه العادمة”، يوفر يوم المياه العالمي للعام 2017 فرصة هامة لتسليط الضوء على العلاقة بين المياه والمياه العادمة من أجل السعي لتحقيق التنمية المستدامة.

“المياه العادمة” أو “مياه الصرف الصحي” هي مخلفات سائلة أو مياه تأثرت نوعيتها سلباً نتيجة الانشطة البشرية. وهي تشمل المخلفات السائلة المصرفة من المجمعات السكنية، والتجارية، والصناعية، والزراعية، وقد تحتوي أيضا على مجموعة واسعة من الملوثات المحتملة وبتراكيز مختلفة.

إن يوم المياه العالمي 2017 هو يوم مهم جداً بالنسبة للعالم العربي بشكل عام حيث تعاني معظم الدول العربية من مشكلات المياه مثل الندرة والتلوث وسوء النوعية. في الواقع، فإن العالم العربي هو أكثر المناطق الشحيحة المياه على سطح الارض. فنصيب الفرد السنوي من الموارد المائية أقل من 500 متر مكعب في 70 في المئة من المنطقة ومتوسط هطول الأمطار السنوي أقل من 250 مليميتر في 70 في المئة من المنطقة ويصل لاقل من 100 مليميتر في دول الخليج العربي.

وتقليدياً، تدار المياه باعتبارها مورداً شحيحاً. فالجميع يعتقد أن كميات المياه ثابتة. وهكذا، فأي كميات من المياه تحدد لمجموعة أو لبلد أو منطقة أو قطاع فإنها من المفترض تكون غير متوفر  للآخرين. ومع ذلك، فالمياه في الحقيقة هي مورد مختلف وفريد من نوعه فكميات المياه ليست ثابتة  على الإطلاق. بل على العكس من ذلك، فالموارد المائية مرنة وقابلة للتوسيع وإعادة الاستخدام.

على سبيل المثال، التكنولوجيات الحديثة وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات تسمح لنفس المورد المائي أن يتم استخدامه بطرق متعددة من قبل العديد من المستخدمين ولأكثر من مرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن إستخدام المياه الافتراضية، أي المياه المستخدمة في إنتاج السلع والخدمات، يمكن أن تساعد في حل مشكلة نقص المياه في أجزاء كثيرة من العالم. وأيضاً تلقيح السحب والاستمطار الاصطناعي والذي أجريت تجارب ناجحة له في الإمارات والأردن مثال واضح علي أن كميات المياه ليست ثابته.

كما أن موضوع يوم المياه العالمي لعام 2017 “المياه العادمه” هو مؤشر إلى حقيقة أن الماء هو مورد مرن وقابل للتوسيع. ففي الواقع، المياه العادمه المعالجة يمكن إعادة تدويرها واستخدامها عشرات المرات مما يضيف إلى إجمالي إمدادات المياه المتاحة لبلد أو مدينة ما. 

حيث تمثل المياه العادمه المعالجة واحدة من البدائل الرئيسية التي يمكن استخدامها لتلبية بعض الاحتياجات المائية الحالية، وتقلل علي المدي الطويل من عدم التوازن العرض والطلب علي المياه. في الوقت الحاضر، في العديد من بلدان الوطن العربي تعمل مرافق معالجة المياه العادمه الحديثة مع قدرات المعالجة الثلاثية والمتقدمة. وتستخدم المياه المعالجة بشكل رئيسي للأغراض المدنية بما في ذلك ري الحدائق والمساحات الخضراء، والتشجير في الطرق ولري محاصيل … الخ.

الا أن المجال مفتوح أمام الدول العربية للتوسع في مجال معالجة المياه العادمة حيث تبلغ نسبة المياه العادمه المعالجة حوالي 10% في مصر من إجمالي الموارد المائية المتاحة وفي السعودية 12% وفي الامارات 18% وفي المغرب لا تتعدي 3%. فالمياه العادمه مورد مائي إضافي هام في الاقتصاديات الدوارة (البيئية) والإدارة الكفء لها ما هي الا إستثمار فعال في صحة الإنسان والنظم الإيكولوجية.

ومن الجدير بالذكر أن عددا من العقبات التي تواجه إستخدام المياه المعالجة خاصة عدم وجود شبكات النقل والتوزيع للمياه العادمه لتزويد الزبائن (والتي هي أساسا بعض الغابات أوالشركات الخاصة مثل منتجعات الجولف)؛ والعقبة الرئيسية الأخرى تأتي من الجوانب الثقافية، حيث لا يزال من الصعب إقناع المستهلكين مثل المزارعين بإستخدام المياه المعالجة المعاد تدويرها.

لا غرو أن إعادة استخدام المياه المعالجة المعاد تدويرها يقدم حل مستدام لتلبية الطلب المتزايد علي المياه في البلاد التي تعاني من ندرة المياه مثل العالم العربي. بالإضافة إلي أن المياه العادمه المعالجة تساعد في حماية البيئة من مياه الصرف الصحي الملوثة. إلى جانب ذلك، توفير الطاقة المستخدمة في البديل الاخر وهو المياه المحلاة وكذا والحد من انبعاثات الكربون.

ومن الأهمية بمكان الإشارة الي إرتباط ممارسات إعادة استخدام وتدوير المياه مباشرة مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs) أو ما يسمي بأجندة العام 2030. حيث تغطي أهداف التنمية المستدامة مجموعة واسعة من التطلعات عبر الركائز الثلاث للتنمية المستدامة، وتشمل هدف مخصص عن المياه والصرف الصحي” وهو الهدف السادس: “ضمان توافر والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي للجميع”.

 يركز الهدف السادس على دورة المياه بأكملها، بما في ذلك إدارة موارد المياه والمياه العادمه، ومع موارد المياه في صميم أهداف التنمية المستدامة، فإن أي تقدم في مجال معالجة وتدوير المياه فإن ذلك سيساعد في تحقيق الهدف السادس وبالتالي تحقيق الكثير من جدول الأعمال لأجندة عام 2030.

وأخيراً وليس آخرا، من الجدير بالذكر أن إعادة إستخدام المياه وتدويرها ليست فقط مسؤولية البلديات ولكن أيضا، مسئولية الأفراد والشركات. فكلاهما يمكنه الحفاظ على المياه عن طريق إعادة إستخدام بعض من مياهه المستعملة في التنظيف والغسيل على سبيل المثال في ري حدائق المنزل / الشركة أو حول المباني. ويمكن لبعض المصانع إقامة مرافق أولية لمعالجة مياه العادمه. وهذا في الواقع له فوائد إقتصادية كبيرة كما أنه سيوفر للمصنع الكثير من المال على المدى الطويل.

د. محمد عبد الرءوف المنسق العالمي للمجتمع المدني لمجموعة البحث العلمي التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!