آفاق بيئية : لافي إبراهيم الحربي *
تعتبر المياه من أغلى الموارد الطبيعية في المناطق الجافة حيث تتحكم في وجود وتوزيع وكثافة كلاً من الإنسان والحيوان والنبات قال تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي ) سورة الأنبياء آية (30).
ولمّا كانت المياه شحيحة أو معدومة على سطح الأراضي الجافة في أنحاء العالم , فإنها تميز بوضوح مظهر المناطق الجافة عن مظهر المناطق المطيرة المتاخمة لها , ولكي يمكن استغلال المناطق الجافة في الرعي والزراعة المستقرة والتجارة والاستفادة من المواد المعدنية في إنشاء المراكز العمرانية ينبغي توفير المياه بكميات يُعتمد عليها وتكون ذات خصائص نوعية تسمح بقيام نشاط اقتصادي وعمراني على المدى الطويل , وإذا ما استبعدت البحار الداخلية والمحيطات لم يتبقى في المناطق الجافة غير موردين مائيين رئيسيين هما المياه الجوفية التي تُعتبر مصدراً متناقصاً في بعض المناطق الجافة و الأنهار الدائمة التي تستمد مياهها ذات الكميات الكافية من مناطق مطيرة.
وبشكل عام فإن موارد المياه في الوطن العربي تواجه العديد من المصاعب والمشاكل والمخاطر الطبيعية والبشرية على حد سواء فالمياه السطحية تواجه العديد من المشاكل السياسية والتي تكمن في المطالبة بتوزيع حصص للدول المتشاركة في هذا النهر أو ذاك أو المطالبة بمقابل مادي أو إقامة سدود في بعض الدول مما قد يمنع المياه من الوصول إلى بعض الدول العربية , أما المياه الجوفية فهي تواجه مشاكل لا تقل خطورة عن مشاكل المياه السطحية فهي مياه غير متجددة ويتم استهلاكها بشكل كبير ومتزايد.
إن المياه هي عصب الحياة لأي كائن حي , فلابد من التفكير في طرق وخطط حديثة وجدية ومواكبة للعصر للحفاظ على هذا المورد النفيس.
ويشكو الوطن العربي من نقص كبير في موارده المائية وخاصة منها الموارد الداخلية ، فالمياه المتجددة في الوطن العربي لا تمثل إلا أقل من 1 % من الثروات المتجددة في العالم كما أن نصيب الفرد العربي لا يتجاوز 1744 م 3 في السنة، بينما المعدل العالمي يصل إلى 12900 م 3 في السنة , كما أن عدم الانتظام الزمني يزيد مشكلة الماء تفاقما وخطورة , ولا شك أن هذا الوضع وليد الظروف الطبيعية للوطن العربي , ذلك أن 80 % من المساحة العامة للوطن العربي عبارة عن أراض منبسطة الشيء الذي يساعد على تبخر المياه المتهاطلة بينما الأراضي الجبلية التي تساهم عادة في تغذية المجاري المائية محدودة الامتداد.
كما تعتبر الجيولوجيا عنصر مساعد على تخزين المياه حيث تمتد طبقات رسوبية راشحة خاصة في شبه الجزيرة العربية وفي الصحراء الكبرى أما المناخ فهو القاسم المشترك الأساسي حيث ينتمي جل الوطن العربي للحزام الجاف وشبه الجاف والصحراء الحقيقية تغطي 43% من المساحة الإجمالية ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا جنوب السودان وبعض جبال اليمن ومرتفعات المغرب العربي وجبال الشام.
.
مياه الأمطار في الوطن العربي:
تعتبر الأمطار أولى مصادر المياه في الوطن العربي , ومن الدول التي تعتمد على الأمطار في بناء اقتصادها الزراعي والصناعي بصورة أساسية : المغرب والجزائر وتونس وسوريا ولبنان والعراق والصومال والسودان والأردن , ويقدر الوارد السنوي من الأمطار في الوطن العربي ما بين 2100-2300 مليار متر مكعب وتتراوح المعدلات السنوية لهطول الأمطار ما بين 250 – 400 ملم ، وقد تتجاوز 1000ملم في بعض المناطق كجبال لبنان والساحل السوري ومرتفعات اليمن وجنوب السودان.
شكل ( 2 ) تقسيم الأمطار في الوطن العربي حسب فصول سقوطها.
وتتوزع الأمطار في الوطن العربي على الوجه التالي:
1)60% من مياه الأمطار تتساقط في فصل الصيف معظمها في حوض السودان والقرن الأفريقي واليمن وموريتانيا.
2)40% من مياه الأمطار تهطل في فصل الشتاء في بلاد المغرب العربي والشمال الأفريقي وبقية الدول العربية المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
*************************************************
* لافي إبراهيم الحربي : جغرافي ومهتم بشؤون الطقس والبيئة
المملكة العربية السعودية