رام الله – وفا- علاء حنتش
كشف متخصصون بالشأن البيئي عن مخاطر بيئية جمة ألحقها العدوان والحروب الاسرائيلية المتعاقبة على قطاع غزة، محذرا من تدهور كافة مجالات البيئة وعناصرها في القطاع، بما فيها المسكن والزراعة والتربة والمياه.. وكل مقومات الحياة الإنسانية، ما يتطلب تحركا أمميا للحد من الكارثة.
وقال أستاذ علوم البيئة د.يوسف أبو صفية، في هذا الخصوص: ‘إن الحروب الإسرائيلية المتتالية التي استهدفت قطاع غزة خلفت أرضا محروقة’، مشيرا إلى عدم صلاحية معظم التربة في قطاع غزة للسكن والزراعة، وعدم إمكانية معالجتها نهائياً إلا بتغييرها، نتيجة التلوث الناتج عن عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتكرر، وضرورة عمل تحاليل كيميائية وقياسات أشعة، للتأكد من مدى الضرر الذي لحق بالتربة، والخطر الذي قد يسببه هذا التلوث مستقبلاً على صحة البيئة والإنسان .
وأضاف: ‘ان التربة تعرضت للتلوث الكيميائي بمختلف أنواعه، بمواد الهيدروكربون نتيجة القنابل المستخدمة، وتدمير واحتراق الاسبستيوس الذي يستخدم في سقف الكثير من المنازل، ومادة الديوكسين التي تبقى في التربة ولا تتحلل، والعناصر الثقيلة، والمواد المشعة، وهذا يتسبب بتلويث التربة، ومن ثم تلويث المياه الجوفية والسطحية، وصولاً إلى تلوث المزروعات والتسبب في أمراض خطرة متل السرطان والفشل الكلوي وتليف الكبد ‘
من جانبه، حذر مدير عام المصادر البيئية في سلطة جودة البيئة د.عيسى عدوان، من تدهور كافة مجالات البيئة وعناصرها في قطاع غزة بما فيها التربة، نتيجة العدوان وقال: ‘تأثرت النظم البيئية والتربة بشكل كبير من عمليات التجريف كون النظام البيئي في قطاع غزة هش كونه منطقة صحراوية وكثبان رملية ‘.
وأضاف: ‘تمثلت الأضرار التي لحقت بالتربة في تلوثها بالعناصر الثقيلة نتيجة تعطل محطات الصرف الصحي، وتلوثها بالهيدروكربون والوقود، نتيجة تراكم النفايات الصلبة وعدم جمعها، وتلوثها بمخلفات المتفجرات المستخدمة والردم الناتج عن هدم المنازل، وتصلب التربة نتيجة حركات الدبابات والمعدات الثقيلة، وقلع الأشجار الذي يساعد في انعدام الأمن الغذائي، وتدمير المحاصيل الزراعية، وزيادة الرقعة المتصحرة، إضافة إلى زيادة التملح الذي سيؤثر على الإنتاج الزراعي مستقبلا’.
وأكد عدوان أن هناك حاجة ملحة لإجراء دراسات شمولية لتقدير الأضرار على التربة، ولذلك تم الطلب من برنامج الأمم المتحدة إرسال لجنة تقصي حقائق لدراسة الآثار البيئية للعدوان على قطاع غزة .
أما مدير دائرة تصنيف الأراضي في وزارة الصحة المهندس عماد غنمة، أشار إلى خطورة وضع التربة ومستقبل المساحات الزراعية المحدودة في فلسطين، خاصة في قطاع غزة نتيجة العدوان، حيث تعرضت التربة إلى تدمير كبير نتيجة التلوث بالمياه العادمة التي تعتبر المصدر الرئيس في تلوثها إضافة إلى التجريف والربص .
وأضاف: ‘أن تحركات آليات الاحتلال الثقيلة والتجريف، أدى إلى تدمير الخصائص الفيزيائية للتربة، والتقليل من التهوية ونسبة تشربها للمياه، والحد من قدرة الجذور على التمدد ما يؤدي إلى اختناقها وموتها، الأمر الذي يتطلب عمليات استصلاح طويلة الأمد وبتكاليف عالية ، لأن كل سنتيمتر مربعاً من التراب يحتاج إلى مئة عام لتكوينه.
المهندس وائل أبو رميلة من مركز أبحاث الأراضي، بين أن تجريف الاحتلال للأراضي أدى إلى تدميرها، لأنها تستهدف التربة السطحية، وتجعلها تختلط بالتربة السفلية غير الصالحة للزراعة والمالحة، ما يجعل هذه الأراضي غير قابلة للزراعة، إلا بعد استصلاحها، ما يتسبب في انحسار المساحات الصالحة للزراعة، وفقدان التربة الخصبة، وهذا يتطلب إمكانيات مادية كبيرة مرهقة للمزارعين، بالإضافة إلى إحداث هزات للتربة الرملية ما تساهم في تسرب المياه العادمة إلى التربة ومن ثم إلى الخزان الجوفي .
واجمع مختلف المختصون في الشأن البيئي على أن قضية تلوث التربة لها امتدادات وتأثيرات كبيرة، تصل إلى تهديد صحة المواطنين في غزة، والأمن الغذائي في فلسطين بشكل عام، وأن التسريع في وصول لجان أممية مختصة في تقييم الأثر البيئي للعدوان على غزة، بات ضرورة ملحة، لوضع الحلول السريعة والممكنة للحد من الأضرار المترتبة عليها.