طاقة عطشى

محمد التفراوتي15 مارس 2014آخر تحديث :
طاقة عطشى

آفاق بيئية: البيئة والتنمية

     مبادرة البنك الدولي لمساعدة البلدان في          تخفيف تأثير نقص المياه على أمن الطاقة.  

ENERGIE 5

ترزح موارد الطاقة والمياه تحت ضغط لم يسبق له مثيل ومنافسة متزايدة لاستخدامها من قبل البشر والصناعات والنظم الإيكولوجية والاقتصادات المتنامية. ومع وصول سكان العالم إلى 9 بلايين نسمة، سيزيد الطلب 50 في المئة على الإنتاج الزراعي، وتزيد عمليات سحب المياه المجهدة أساساً بنسبة 15 في المئة. وبحلول سنة 2035، سيزداد استهلاك الطاقة في العالم بنسبة 35 في المئة، ما يزيد استخدام المياه بنسبة 85 في المئة وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

 وسيؤدي تغير المناخ إلى تفاقم المشكلة وعدم اليقين، من خلال تقلب المتساقطات وتكرار الفيضانات وموجات الجفاف واشتدادها. وتتعرض نظم الطاقة لتأثيرات تغير المناخ أكثر من أي وقت مضى. ومع ارتفاع درجات حرارة الجو، سترتفع أيضاً حرارة الأنهار والبحيرات التي تأخذ منها محطات توليد الطاقة الحرارية مياه التبريد، ما يزيد صعوبة توليد الكهرباء في العقود المقبلة. ومع سكن ثلثي سكان العالم، أو نحو خمسة بلايين نسمة، في المدن بحلول سنة 2030، ستواجه المدن في البلدان النامية ضغوطاً هائلة لتلبية الطلب على الغذاء والطاقة والمياه. وحتى اليوم، يعاني أكثر من 1,3 بليون شخص من الافتقار إلى مصادر الطاقة، ويفتقر نحو 780 مليون شخص للمياه المحسنة، ويفتقر بليونان ونصف بليون شخص للصرف الصحي الأساسي.

 تهدد ندرة المياه استمرار مشاريع الطاقة على المدى البعيد حول العالم. ففي العام الماضي تسببت في إغلاق محطات للطاقة الحرارية في الهند، وخفض قدرة التوليد في محطات الكهرباء في الولايات المتحدة، وهددت قدرات الطاقة الكهرمائية في كثير من البلدان بينها سري لانكا والصين والبرازيل. والبلدان النامية هي الأكثر تعرضاً، إذ تفتقر لقدرات مواجهة الاحتياجات المتزايدة سريعاً. ويتعرض نحو 93 في المئة من احتياطات النفط البرية في الشرق الأوسط لمخاطر متوسطة إلى مرتفعة في ما يتعلق بكمية المياه الإجمالية.

 على رغم هذه المخاوف، فإن التخطيط لإنتاج الطاقة يتم غالباً من دون الأخذ في الاعتبار القيود الحالية والمستقبلية على المياه ومخاطر الأحداث المناخية الشديدة التطرف. وتقول ماريا فان در هوفن، المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية: «غالباً ما يكون المخططون ومتخذو القرار لا يملكون معلومات كافية عن محركات هذه التحديات وكيفية معالجتها ومزايا كل خيار فني وسياسي وإداري». لكنها تؤكد أن في الإمكان التغلب على القيود المائية في قطاع الطاقة، وهذا يتطلب من جميع أصحاب العلاقة في القطاعين العام والخاص أن يتعاونوا لتطوير أدوات مبتكرة، وأن يستخدموا المياه كعامل موجه لتقييم جدوى المشاريع. وتضيف: «غياب التخطيط المتكامل أمر غير مستدام».

 علاقة تلازمية

في مواجهة هذه المعضلة، أطلق البنك الدولي مبادرة «الطاقة العطشى» لمساعدة البلدان النامية على مواجهة تحديات المياه والطاقة وتلبية الطلب المتنامي. وذلك خلال القمة العالمية لطاقة المستقبل والقمة العالمية للمياه اللتين استضافتهما أبوظبي في كانون الثاني (يناير) 2014.

 الطاقة العطشى» مبادرة عالمية تستهدف مساعدة الحكومات على الاستعداد لمستقبل غامض الآن، عن طريق ثلاثة محاور: التضافر والتكامل بين خطط تنمية الطاقة واستخدامات المياه، التخطيط عبر القطاعات لضمان استدامة استثمارات الطاقة والمياه، تصميم أدوات التقييم وأطر الإدارة لمساعدة الحكومات على تنسيق عملية صنع القرار.

 ومن الجوانب الرئيسية لهذه المبادرة اعتبار قطاع الطاقة نقطة الدخول لتعزيز الحوار ووضع الحلول وتفصيل النهج المعتمدة على الموارد المتاحة والحقائق المؤسسية والسياسية في كل بلد.

 وتثبت المبادرة أهمية النهج المتكاملة عبر العمل المستند إلى الطلب في بلدان عدة، ومن ثم توفير أمثلة توضح كيف تنجح إدارة الموارد بأدوات تعتمد على الدلائل في تعزيز التنمية المستدامة. وسيتم تبادل هذه المعارف على نطاق واسع مع البلدان الأخرى التي تواجه تحديات مماثلة. وقد بدأت الأعمال الأولية لاعتماد هذه المقاربة في جنوب أفريقيا، وبدأ الحوار بشأنها في بنغلادش والمغرب والبرازيل حيث ظهرت التحديات بالفعل فبان الطلب على النهج المتكاملة.

 تقول رايتشل كيت، نائبة رئيس مجموعة البنك الدولي والمبعوثة الخاصة بشأن تغير المناخ: «لا يمكننا تحقيق أهدافنا للطاقة العالمية، المتمثلة بتوسيع نطاق وصولها إلى الفقراء وزيادة الكفاءة وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة، من دون الماء. فالعلاقة التلازمية بين الطاقة والمياه أمر بالغ الأهمية لبناء طاقة مرنة وكفوءة ونظيفة. الآن وقت العمل».

 الحلول موجودة

تؤكد مبادرة «الطاقة العطشى» أن ثمة حلولاً عديدة متوافرة لمواجهة تحديات المياه والطاقة. وقد بدأت بلدان كثيرة جهوداً ريادية باتخاذ إجراءات جريئة. فعلى سبيل المثال، تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى تنويع مزيجها من الطاقة والتوجه نحو الطاقة النظيفة. وتعتزم حكومتها بناء أكبر محطة تحلية في العالم تدار بالطاقة الشمسية، ستنتج أكثر من 22 مليون غالون من مياه الشرب كل يوم وتولد 20 ميغاواط من الكهرباء. وتملك الإمارات حالياً أكبر محطة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه المالحة، وهي مثال ممتاز للحلول المتكاملة لهذا التحدي المزدوج.

علاوة على ذلك يمكن للبلدان خفض الاعتماد على المياه عن طريق استخدام نظم تبريد بديلة من محطات الطاقة الحرارية، واستكشاف خيارات للمياه المالحة، وتعزيز كفاءة محطات الكهرباء واستبدال المحطات القديمة غير الكفوءة. ثم ان المحطات الكهرمائية التي تغذيها خزانات ضخمة تستطيع أن تتعامل مع تقلبات المياه الناجمة عن تغير المناخ بشكل أفضل من المحطات القائمة على الأنهار الجارية.

 لكن هذه الحلول تعتمد على كثير من العوامل، من بينها التكنولوجيا والبيئة والتمويل، وهي ترتبط بمكان تطبيقها. ويمكن للقرار والتخطيط المتكاملين في مجال الاستثمار ضمان مواجهة جميع أوجه التعقيد في الطاقة والمياه.

 ينشر بالتزامن مع مجلة “البيئة والتنمية” عدد آذار/نيسان – مارس/أبريل 2014)

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!