آفاق بيئية : د. احمد زكى ابو كنيز
جهات كثيرة تأمل و تعمل باخلاص بهدف تحسين العلاقات مع دول حوض النيل. من هذه الجهات الحكومى و القطاع الخاص وأيضا المنظمات الغير حكومية سواء المصرية أو الاقليمية. ومن هذه الجهات على سبيل المثال المنتدى الدولى لتنمية حوض النيل. وهو منظمة اقليمية غير حكومية تتشارك فيه دول الحوض الاحدى عشر, الحقيقة ان هذا المنتدى يعمل بشكل نشط منذ فترة طويلة ويهدف الى تعميق التعاون بين دول حوض النيل على مستوى منظمات المجتمع المدنى, الامر الذى يصب فى خانة تعاون الشعوب والذى حتما سوف يعقبه تعاون الحكومات.
و فى نهاية يناير 2012 نظم المنتدى زيارة تبادلية الى أثيوبيا ضمت وفودا من مصر و السودان بشقيه الشمالى و الجنوبى و اثيوبيا وكينيا واوغندا و راوندا. و قد ضم الوفد المصرى اعلاميين وبرلمانيين و خبراء و ممثلين لمنظمات المجتمع المدنى, وقد امضينا خمسة ايام فى سقف العالم اقصد اثيوبيا تحركنا فيها من اديس ابابا العاصمة لمسافة 560 كيلو متر ناحية الجنوب الغربى حيث تقبع مدينة بحر دار التى كانت لنا نقطة الارتكاز تحركنا منها الى عدة مناطق وزرنا خلال هذه الفترة آماكن مختلفة و تقابلنا مع اطياف شتى من المجتمع الاثيوبى بحثنا عن التعاون المفقود بين بلداننا ووجدنا فيها الكثير من الترحاب سواء من الاثيوبين العاديين أم القيادات التنفيذية و السياسية و الخبراء و ممثلى المنظمات الاهلية, حتى رجال الدين المسلمين و المسيحيين.. ومسيحى اثوبيا يتبعون روحيا الكنيسة المصرية, التى كانت الى عهد قريب ترسل رأس الكنيسة الاثيوبية من مصر. كل هؤلاء و اولائك قابلناهم ووجدنا منهم كل ترحاب ورغبة فى التعاون لانهم يهدفون من الاساس فى النهضة ببلادهم وفى سبيل ذلك ليس لديهم مانع من التعاون مع اى جهة او دولة طالما ستكون النتائج هى التنمية.
قابلنا اساتذة جامعة و برلمانيين ومسئولين حكوميين وجدناهم مهمومين ومهتمين بالتنمية فى اثيوبيا و يؤمنون تماما ان تنمية اثويبيا لن تتم الا من خلال تعاونها مع شقيقاتها من دول حوض النيل و يرون ان هناك مسئولية كبرى على تقع على عاتق مصر و الشعب الاثيوبى ينتظر منا الكثير. حتى رجال الدين حدثونا عن عمق العلاقة المصرية الاثيوبية الدينية و التاريخية و كيفية و حتمية و ضرورة التعاون بين مصر و اثيوبيا لبلوغ الاهداف الانمائية.
و لكن ماذا وجدت فى اثيوبيا او كيف رأيت اثيوبيا؟ وجدت بلدا بكرا و حشيا يتوق الى التنمية و يبحث عن فرص الحياة الافضل و جدت شعيا يريد ان يخطو الى الامام يكدون ويتعبون فى الرعى و الزراعة و ينظرون من طرف خفى الى الصناعة و الرغبة فى التقدم التكنولوجى, ان نظرات عيون الاطفال الرجال و النساء تسأل و تسائل عن دور مصر فى تنمية اثيوبيا ام اننا سوف نأتى لنعيق تقدمهم.
آلاف بل ملايين من الماشية و الاغنام تتجول فى مراعى اثيوبيا الخالية حاليا ( يناير) من الكلأ و الماء, انها ثروة حيوانية كبرى تحتاج الى ادارة حازمة و ناجحة و موفرة للغذاء للماشية و الحيوانات طوال العام و تعمل على استدامة المياه.
و الكافور كلمة السر فى اثيوبيا بيوتهم يشكل الكافور الهيكل الاساسى لها و كذلك عربات الكارو التى تحمل لهم كل شىء حتى الاسرة و المقاعد و كل ذلك يصنع من اخشاب أشجار الكافور الذى تراه مهيمنا على المساحات الخضراء فى اثيوبيا, بقى ان اقول ان الكافور الذى تنتشر عشرات ان لم تكن مئات الملايين من اشجاره فى انحاء اثويبيا المختلفة ليس اثيوبيا اصيلا بل جلبه اليها الاسترالييون و زرعوه فيها فاستوطنها و لاقى نجاحا كبيرا فأتسعت غاباته الصناعية و تعددت استخداماته حتى انك تجده فى كل شىء وفى كل مكان.
و مصر يجب عليها ان تتعاون وبكل قوة مع اثيوبيا فيمكننا ندفع بالقطاع الخاص للعمل هناك سواء فى مجال تربية الماشية وزبحها و نقلها الى مصر و كذلك فى زراعة محصول القمح الذى تحتاجه مصر و بشدة, و ايضا نتعاون معهم فى مجال الطاقة سواء الطاقة الشمسية او طاقة الرياح. و ان نيسر لابناء اثيوبيا منح دراسية فى جامعاتنا, وتدريب الكوادر الاثيوبية المختلفة على مجالات متعددة.
ان اثيوبيا يمكن ان تمثل لنا سوقا رائعة و كبرى لمنتجات مصرية و اعتقد بل اكاد اجزم ان هذا ما اتوقع ان تقوم به الادارة المصرية القادمة من رحم الثورة و التى بدأت ملامحها فى التبللور و الظهور فى الفترة الحالية, فيمكننا تقديم خدمات صحية و تعليمية وتقنية لهم الى جانب التبادل التجارى الحقيقى معهم.
وبهذا يمكن ازالة الحواجز النفسية بيننا وبينهم و التى وضع لبنتها الاولى الرئيس انور السادات و استكملت من خلال تجاهل الرئيس المخلوع لافريقا, وما اضافته المخططات الخبيثة لبعض الدول التى تضمر لنا السوء وازالة هذه الحواجز واعادة الثقة بيننا هى التى تمكننا معا من احداث التعاون فى مجالات عدة اهمها المياه و الموارد الطبيية لحوض النيل.