بين الكبرياء والتواضع: رحلة الإنسان في صراع العقل والقلب

محمد التفراوتيمنذ 4 ساعاتآخر تحديث :
بين الكبرياء والتواضع: رحلة الإنسان في صراع العقل والقلب

آفاق بيئية: منير الدايري

على حافة الصمت… يولد المعنى من رماد الحكايات

هل سبق وتساءلت يومًا لماذا نفقد أحيانًا القدرة على الاستماع لصوتنا الداخلي وسط صخب الحياة؟ أو لماذا تبدو الإجابات على أسئلة مثل “من أنا؟” و”لماذا أتصرف هكذا؟” بعيدة ومعقدة؟

في رحلة الإنسان عبر الحياة، ثمة صراع أبدي: بين الكبرياء والتواضع، بين الغرور والوعي، بين العقل الذي يطلب إثبات نفسه، والقلب الذي يبحث عن السلام.

إبليس: رمز العقل المتكبر

قد تبدو قصة إبليس بعيدة عن واقعنا، لكنها في الحقيقة مرآة تعكس كثيرًا من تفاصيلنا المعاصرة. في كتابه “نار تحت الرماد”، يُقدم الدكتور مصطفى محمود إبليس كرمز للغرور الفكري. إبليس، الذي لقب بـ”طاووس العابدين”، ظل عقودًا من الزمن يتفلسف ويجادل، حتى جاء أمر الله له بالسجود لآدم.

لكن حين جاء هذا الاختبار الحقيقي، انهارت كل نظرياته أمام حقيقة واحدة: أن الكبرياء، مهما علت، لا يصمد أمام أمر الحق. رفض السجود بحجة تفوقه المزعوم، فخسر مكانته وتحول إلى رمز للعقلانية المزهوة التي تفتقر إلى القلب.

لماذا يهمنا هذا اليوم؟

لأن إبليس ليس شخصية أسطورية فقط، بل هو “وجه” العقل المتعجرف الذي نراه في كثير من سلوكياتنا المعاصرة: التعصب الفكري، العنصرية، أو الإيديولوجيات التي تسعى لإقصاء الآخر باسم الحقيقة المطلقة.

تلك الكبرياء المتخفية تحت لباس العلم والفلسفة ليست إلا جهلًا مقنعًا، يُغفل حقيقة أن العلم الحقيقي هو الذي يفتح النفس، لا الذي يقيدها.

الرحلة الحقيقية تبدأ مع الذات

الإنسان الحقيقي هو من يقف أمام مرآة روحه، يواجه ذاته بلا خوف أو إنكار. يعترف بضعفه، يحتضنه، ويبدأ رحلة التصالح مع نفسه، وبهذا يفتح الباب أمام التصالح مع العالم.

اللحظة التي ندرك فيها أننا لسنا مجرد ضحايا للظروف، بل صناع لقصتنا، تصبح نقطة تحول حقيقية. نبدأ بفهم أننا بحاجة إلى التوازن بين العقل والقلب، بين الفهم والوجدان.

خلاصة الكلام

في هذه الرحلة بين الكبرياء والتواضع، بين الظلال والنور، يتعلم الإنسان أن يرى ما هو أكثر من مجرد صورة في المرآة. يرى الحقيقة، الروح الحرة التي لا تُقهر، والتي لا ترضى بأوهام النصر الزائف.

كلمات تضيء الطريق

“لا يكفي أن تحيا لتكون إنساناً، بل يجب أن تكون حراً، متواضعاً، ومُحباً.” — جبران خليل جبران

“العقل زينة الإنسان، ولكن القلب هو تاجه الحقيقي.” — نجيب محفوظ

“لا تكن عبداً لما تعرف، بل كن صديقاً لما لا تعرف.” — جلال الدين الرومي

في النهاية، رحلة فهم الذات ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة لعيش حياة أكثر صدقًا وعمقًا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!