آفاق بيئية : الدكتور أحمد زكى أبو كنيز*
مناسبة بيئية خالصة نعتز بها كثيراً وننتظرها لنضع لانفسنا كناشطين فى مجال البيئة كشف حساب للعام البيئى المنصرم و اهدافنا فى العام البيئى القابل…هو من وجه نظرى عيد نخبوى يهتم به و يعد له العدة مجموعة محددة من المصريين أقصد بهم الفئة التى وضعت هموم مصر البيئية على عاتقها و تعيش بها ولها و من اجلها…ومن عجب انه لازالت الى الان قضيا البيئية قضايا نخبوية بامتياز, و دائما يخسر المطلب البيئى فى مواجهة المطلب الاقتصادى, فلم يحدث ان اوقفنا مصنعاً لانه يلوث الهواء او يصب سوء مياهه على النيل السعيد.
عود على بدء ..هذا العيد النخبوى والذى يقع فى اليوم السابع و العشرون من شهر يناير يواكب او يوافق تاريخ صدور أول قانون مصري مختص بالبيئة وهو القانون رقم 4 لعام 1994 وهذا يشير الى اننا لم نتنبه الى قضايا البيئة واهمية ان يكون لها قانون يجرم اخنراقها و يضع الحدود للانبعاثات الا منذ ربع قرن فقط علماً بأن العالم قد اسس برنامج البيئة العالمى منذ اكثر من خمسة قرون, كما قرر الملك حور محب منذ اكثر من اربعة آلاف سنة جدع انف من يلوث مياه النيل,,,
علينا ان نعترف انه امامنا الكثير حتى تتحول قضاينا البيئية و مفرداتها الى سلوك يومى للمصريين منذ نعومة اظافرهم وحتى مغادرهتم لهذه الدنيا,.و يجب ان نعلم ان كل انتهاك بيئى نمارسه سواء على المستوى الفردى او الجمعى سندفع ثمنه من صحتنا, لذا ادعو جميع الاسر ان تربى ابناءها تربية بيئية و ان يكون التعليم لدينا تعليماً بيئياً و على الدولة ان تيسر الامر بحيث يتمكن الشعب من ان يتصرف تصرفاً بيئياً بامتياز..كأن تكون لدينا نظم جمع وتدوير القمامة سليمة و فعالة و قادرة على التخلص من كافة المخلفات. و ان يكون لدى المزارع نظام جمع و تدوير و تسويق للمتبقيات الزراعية و التى لا تزال ثروة مهدرة بل و ملوثة للبيئة الى الان. وأن يكون لدى المنشآت الصحية نظام قوى ومسيطر و حاكم لتداول المخلفات الخطرة. , الصناعات يجب ان تكون بمنأى عن الكتل السكنية. بدون شك لدينا معضلات بيئية قائمة فى مجتمعنا قد تكون فاتورة حلها باهظة ولكن يجب ان تبدأ من الان , فهناك صناعات سوداء منها الاسمدة و الاسمنت و غيرها نشأت فيما مضى فى الكتلة السكنية , او ان الكتلة السكنية زحفت الى جوارها , بل و الكثير من الصناعات التى اقيمت منذ عشرات السنين على مجرى النيل لاستخدامه فى نقل الخامات و المنتجات , ربما ساعتها لم تكن قضايا البيئة تشغل اهتمام جمعى و لم تكن اضرارها بادية للعيان و لكن الان بعد اتضح مدى الضرر الناجم عنها يجب يتم اقامة مثل هذه المنشآت خارج الكتل السكنية, لكن ماذا عن القائمة اتصور انه آن الاوان ان يتم نقلها الى الظهير الصحراوى خارج الكتل السكنية لتجنب اضرارها. ربما يكون ما سبق هو كشف حسابى البيئى عن العام المنتهى …لكن ماذا عن العام البيئى القادم؟
ما لم نحققه فى العام المنصرم سوف نسعى الى تحقيقه فى العام القادم بالاضافة الى قضايا جديدة يجب علينا ان نتناولها فى مصر و اهما من وجه نظرى ان يتم توثيق العلاقة بين البيئة و الاقتصاد و ان تكون هذه العلاقة ايجابية و فى صالح المصريين , لانه على مدى الزمان لم تكن العلاقة حميدة بين البيئة و الاقتصاد فكان الاقتصاد ينمو على حساب البيئية و لاننا فى حاجة ماسة للنمو الاقتصادى فكنا نغض الطرف عن العلاقة السلبيية بين البيئة و الاقتصاد.
و لكى نطبع العلاقات البيئية الاقتصادية يجب ان نراعى فى كل انشطتنا الاقتصادية أن تكون ذات مردود ايجابى على البيئة وهذا ما يطلق عليه الاقتصاد الاخضر او التنمية الخضراء وهذا ما يجب ان نكون عليه بمعنى ان انشطتنا الاقتصادية التنموية يجب ان لاتكون مضرة بالبيئة, و من نافلة القول ان اضيف انه يتوجب علينا التوقف تماماً عن الاقتصاد البنى او التنمية البنية اى الانشطة التنموية التى تؤدى الى تلوث البيئة واتصور ان الدولة المصرية تحذوا فى هذا الاتجاه و لكن على استحياء فلايمكن نكران اننا نمتلك اكبر محطتى طاقة رياح و طاقة شمسية بل و الكثير من المصانع تحول الى الاعتماد على الغاز الطبيعى و هى من اهم مظاهر الاقتصاد الاخضر هذا على المستوى الحكومى وهذا اتجاه محمود ندعوا الحكومة للسير فيه وفى ذات الوقت لنا تحفظ على المشآت الصناعية التى تعمل بالفحم ويجب تقليصها تدريجا و التخلص منها نهائياً فى اقرب مدى زمنى ممكن. اما على المستوى الشعبى أرى عدة مبادرات ممتازة فى انشاء وحدات طاقة شمسية لاستجلاب الطاقة الكهربائية منها لاستخدامها سواء فى المنازل او المزارع و الحقول,.ايضاً يتم تدوير المتبقيات الزراعية الى اعلاف و اسمدة عضوية صناعية و مثال اخر و اخير فى هذا الصدد هو قيام البعض بفرز قماة المدن و جمع المعدنى و البلاستيكى منها و بيعه لمن يقوم بتدويره . ومن المؤكد ان الافراد حين فعلوا هذا لم يكونوا يقصدوا المشاركة فى مبادرات الاقتصاد الاخضر ودعمها و لكن كانوا يفرون من فاتورة الطاقة الملتهبة سواء الكهربائية ام مشتقات البترول او هرباً من شراء الاعلاف و الاسمدة التى استعرت اسعارها و اخيرا بحثاً عن فرصة عمل و ان كانت فى تداول القمامة و اراه مظهر غير ادمى يجب تطويره لحماية من ينبشون صناديق القمامة من اخطار الاصابات او الامراض. كل ما سبق يجب ان تدعمه الدولة من خلال جهاتها ذات الصلة بكل مبادرة من المبادرات السابق الاشارة اليها. و بهذا فاننا ندعم التحول الى الاقتصاد الاخضر و نقلل من حمل التلوث البيئى و نزيد من الوظائف الخضراء و هذا يصب فى صالح الاقتصاد القومى.
و لكن كيف تدعم الدولة هذه المبادرات؟ الامر بسيط بان تقوم به أو تشجع عليه بتسهيل الحصول على مكونات وحدات الطاقة الشمسية او وحدات تدوير المتبقيات الزراعية وادوات فرز و تجميع القمامة سواء بتصنيعها داخل مصر او عطاء حوافز بخفض الجمارك و الضرائب عليها
و اخيرا اود القاء الضوء على تعبير الاقتصاد الاخضر لعل بعض القراء يكون هذا المصطلح جديد عليهم أو نخبوى بالنسبة لهم . يقصد به الانشطة الاقتصادية الصناعية او الزراعية التى تقل فيها انبعاثات الكربون و تزداد فيها كفاءة استخدام عوامل الانتاج و لا يكون تقييم هذا النشاط بالكم المنتج بل ينظر الى كيف ننتج؟ وباى موارد ؟و ماهى انعكاسات الانتاج على البيئة البشرية؟.
و أخيراً كل عام و المصريين بخير….مع خالص تحياتى البيئية للجميع.
* رئيس الاتحاد النوعى للبيئة باسوان.
نائب رئيس المنتدى الوطنى المصرى لتنمية نهر النيل.