من الإحباط إلى الفعل: المنتدى المتوسطي يطلق من القاهرة نداء لتغيير السلوك المناخي

محمد التفراوتي21 أكتوبر 2025آخر تحديث :
من الإحباط إلى الفعل: المنتدى المتوسطي يطلق من القاهرة نداء لتغيير السلوك المناخي

آفاق بيئية القاهرة- محمد التفراوتي

كلمة افتتاحية للبروفيسور مايكل سكولوس: دعوة إلى مقاومة اللامبالاة وإحياء الأمل في مستقبل مستدام

أكد البروفيسور مايكل سكولوس، منسق مشروع WES-BCA ورئيس المكتب المتوسطي للمعلومات حول البيئة والثقافة والتنمية المستدامة (MIO-ECSDE)، في كلمة قوية ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى المتوسطي حول البيئة والعمل المناخي المنعقد في القاهرة من 21 الى 23 أكتوبر 2025، أن التحول السلوكي الجماعي أصبح ضرورة لا خيارا أمام التحديات البيئية والمناخية المتسارعة التي يعيشها حوض البحر المتوسط.
وقال سكولوس، مرحبا بممثلي قرابة مئة منظمة ومؤسسة من منظمات المجتمع المدني والبرلمانات والصحافة والهيئات النسائية والشبابية:
“يشرفني أن أرحب بكم باسم المكتب المتوسطي للمعلومات وباسم الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في هذا اللقاء الذي يجمع الفاعلين الإقليميين لمواجهة أزمة المناخ.”
وأشار إلى أن أزمة المناخ في المنطقة المتوسطية لم تعد مجرد ظاهرة بيئية، بل أصبحت أزمة شاملة تمس الأمن المائي والغذائي والاجتماعي، موضحا أن شح المياه، وحرائق الغابات، وفقدان التنوع البيولوجي، وغزو الأنواع الغريبة كلها مظاهر مترابطة لأزمة عميقة مرشحة للاستمرار لعقود قادمة، حتى مع تحقيق تقدم نسبي في سياسات التخفيف.
وأضاف أن هذه التحولات المناخية تتقاطع مع أزمات إنسانية وصراعات مسلحة تضعف الثقة في مؤسسات الحكم وتعمق الإحباط الجماعي، ما يؤدي إلى تراجع الأمل وغياب الرؤية لدى شرائح واسعة من المجتمع.
وقال متأسفا: “التعب والإحباط يدفعان الناس إلى اللامبالاة والقبول بالواقع، بل أحيانا إلى أنماط عيش قصيرة المدى تركز على الاستهلاك دون تفكير في الأثر البيئي.”
وأفاد سكولوس أنه لمس هذا التحول في مواقف المواطنين في بلده اليونان، حيث قال أحد المزارعين له: “لم يعد لدينا مستقبل، سأستفيد قدر ما أستطيع اليوم، أبنائي غادروا، ولم أعد أهتم.”
واعتبر أن هذا النموذج يعكس أزمة قيم وفقدان للإحساس بالمسؤولية تجاه الأجيال القادمة.
وفي معرض حديثه عن دور الإعلام، انتقد سكولوس بشدة الطريقة التي تغذي بها بعض الوسائل الإعلامية مشاعر القلق والتشويش والاغتراب، مما يجعل الناس يعيشون في “واقع افتراضي بعيد عن الحقيقة”، ويضعف قدرتهم على الفعل الإيجابي.
وقال: “بدل أن يكون الإعلام منبرا للتوعية والبناء، أصبح في كثير من الأحيان عاملا في ترسيخ الخوف والعبثية، وهو ما يتطلب من الصحفيين والفاعلين البيئيين إعادة توجيه الخطاب نحو الأمل والمسؤولية.”
ورغم هذه الصورة القاتمة، شدد سكولوس على أن المنتدى لا يهدف إلى الاستسلام للتشاؤم، بل العكس تماما، داعيا المشاركين إلى تحويل التحديات إلى فرص من خلال تعزيز التعاون بين الشمال والجنوب في فضاء متوسطي يتميز بتنوعه الثقافي وغناه الحضاري.
وقال: “البحر المتوسط ليس بوتقة انصهار، بل فسيفساء جميلة من التعايش، ورغم ما نواجهه من صعوبات، فإن التعاون الإقليمي يمنحنا القوة لتحويل الأزمات إلى فرص.”
وأوضح أن الهدف من اجتماع القاهرة هو تحديد الأولويات والمجالات الحرجة، وتنسيق الجهود وتبادل الممارسات الجيدة لتقوية الفاعلين المحليين، ودعم الثقة لدى المواطنين في قدرتهم على التغيير.
وأضاف: “علينا أن نعيد إحياء الشجاعة والإيمان لدى الناس، وأن نحارب النزعة القدرية التي تجعلهم يستسلمون للأزمات بدل مواجهتها.”
كما أكد سكولوس على الدور الحيوي الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني، والبرلمانيون، والنساء، والشباب، والجامعيون، والصحفيون، واصفا إياهم بـ”المنارات” التي تضيء الطريق نحو مستقبل أكثر استدامة.
وقال: “هؤلاء الفاعلون، رغم محدودية مواردهم، يقدمون مساهمات حقيقية في التوعية والبحث العلمي والمراقبة البيئية، ويكملون أدوار الحكومات التي غالبا ما تركض للحاق بالأزمات.”
وختم كلمته بدعوة مؤثرة إلى زرع الأمل في صفوف الشباب وتمكينهم من المشاركة الفعلية في حماية الكوكب: “نريد أن نمنح الأمل، لا أن نرى شبابنا يذبلون قبل أن يزهروا. نريدهم أن يعيشوا في الواقع، لا في عوالم افتراضية، وأن يكونوا جزء من حركة تعيد للحياة معناها وللكوكب توازنه.”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!