زيادة انبعاثات الزئبق في البلدان النامية

محمد التفراوتي10 يناير 2013آخر تحديث :
زيادة انبعاثات الزئبق في البلدان النامية

دراسة جديدة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة توضح زيادة انبعاثات الزئبق في البلدان النامية

صدور التقييم الأكثر شمولا عن الانبعاثات العالمية قبل المفاوضات النهائية حول معاهدة جديدة بشأن الزئبق

بإمكان المعاهدة الملزمة تحقيق فوائد صحية وبيئية كبيرة في البلدان النامية والمتقدمة

MERCURY

آفاق بيئية : نيروبي / جنيف

تواجه المجتمعات المحلية في البلدان النامية مخاطر صحية وبيئية متزايدة مرتبطة بالتعرض لمعدن الزئبق الثقيل، وفقا لدراسات جديدة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP).

وعلى الرغم من انخفاض الطلب على الزئبق على الصعيد العالمي في السنوات الأخيرة، قد تشهدبعض المناطق في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية زيادة فيالانبعاثات في المستقبل.

ويرتبطذلك بشكل أساسيباستخدام عنصر على درجة عالية من السمية في تعدين الذهب على نطاق ضيق ومن خلال حرق الفحم لتوليد الكهرباء.

ويرى التقييم العالمي للزئبق لعام 2013 أن الانبعاثات من المعادن السامة من التعدين الحِرَفي تضاعفت منذ عام 2005، ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الذهب إلى زيادات أخرى في الانبعاثات.

وبسبب التوسع الكبير في التصنيع، تمثل آسيا أكبر باعث إقليمي للزئبق، وتمثل هذه الانبعاثات ما يقل قليلا عن نصف جميع الانبعاثات العالمية.

ولأول مرة تقيّم دراسة برنامج الأمم المتحدة للبيئة إطلاق لزئبق في الأنهار والبحيرات، حيث يمثل تناول الأسماك الملوثة أغلب حالات تعرض الإنسان للزئبق، مما يجعل البيئات المائية شديدة التأثير على صحة الإنسان.

وتسببت الانبعاثات التي من صنع الإنسانفيمضاعفة كمية الزئبق في أعلى 100 متر من محيطات العالم في السنوات المائة الماضية ، وزادت نسب الزئبق في المياه العميقة بنسبة تصل إلى 25 في المائة.

وتستعرض الدراسة بتفصيل شامل انبعاثات الزئبق حسب المنطقة والقطاع الاقتصادي، فضلا عن إلقاء الضوء علىالانبعاثات في البيئة نتيجة إزالة الغابات.

يتم إطلاق ما يقدر بـ 260 طن من الزئبق، الذي كان من قبل كامنًا في التربة،في الأنهار والبحيرات.

بالإضافة إلى منشور “الزئبق: حان وقت العمل” الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، سيتم تقديم التقييم رسميا في اجتماعلجنة التفاوض الدولية بشأن الزئبق (INC5) المنعقد في جنيف في 13-18 يناير عام 2013، وتهدف الحكومات الحاضرة في هذا المؤتمر الهامإلى إنهاءالنقاش بشأن معاهدة جديدة ملزمة عالميا للحد من الأضرار الناجمة عن الزئبق.

ومن شأن هذا أن يقلل من مخاطر الاضطرابات العصبية والسلوكية، وغيرها من المشاكل الصحية المرتبطة بالتعرض البشري للزئبق، فضلا عن تلوث التربة والأنهار الناتجة عن انبعاثات المعادن التي من صنع الإنسان.

وأعطت الحكومات الضوء الأخضر لعقدمفاوضات بشأن إبرام معاهدة عالمية في مجلس الإدارة ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي عقد في فبراير 2009.

ويوفر تقييم 2013 أحدث الأرقام عن انبعاثات الزئبق عبر مناطق العالم والقطاعات الاقتصادية المختلفة.

وقال السيد أكيمشتاينر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: “لا يزال الزئبق، الذي يوجد في أشكال مختلفة، يشكل تحديًا عالميًا وإقليميًا ووطنيًا كبيرًا من حيث الأخطار التي تهدد صحة الإنسان والبيئة”.

وأضاف شتاينر: “في عام 2009 في مجلس إدارةبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وافقت الدول على إطلاق مفاوضات من أجل إبرام معاهدة ملزمة بهدف تخفيض الانبعاثات من مصادر مثل الصناعة والتعدين، وتهدف أيضا إلىتناول المنتجات المحتوية على الزئبق ومعالجة مواقع التلوث التاريخية — وتبدأ المفاوضات النهائية في غضون الأيام القليلة المقبلة”.

واستطرد السيد شتاينر قائلا: “وقد عُرفَ الزئبق بكونه مادة سامة وخطرة لقرون، ولكن اليوم لدينا العديد من التكنولوجيات والعمليات البديلة اللازمة للحد من المخاطر التي يتعرض لها عشرات الملايين من الناس بما في ذلك الأمهات الحوامل وأطفالهن. النتيجة الجيدة يمكن أن تؤدي أيضا إلى مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.”

ويمكن أن يبقىالزئبق المنبعث من التصنيعومصادرأخرى من صنع الإنسان في البيئة لمدة تصل إلى عدة قرون في كل مرة. هذا يعني أنه من المرجح أنننتظر عدة سنوات أو عقود قبل أن يكون هناك تأثير واضحللانخفاض في انبعاثات الزئبق على الطبيعة والسلسلة الغذائية.

ويقول تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن هذا يعزز الحاجة لاتخاذ إجراءات سريعة من قبل الحكومات وقطاع الصناعة والمجتمع المدني لتعزيز الجهود الرامية إلى الحد من انبعاثات الزئبق، ويضيف التقرير أن التأخير في العمل سوف يؤدي إلى تباطؤ تعافي النظم البيئية وزيادة إرث التلوث.

وتم تسليط الضوء أيضا على ارتفاع مستويات الزئبق الموجودة في منطقة القطب الشمالي.

يترسب ما يقدر بنحو 200 طن من الزئبق في القطب الشمالي كل عام، على بعد مسافة كبيرة من مصدره. وقد أظهرت الدراسات زيادة عشرة أضعاف في مستويات الزئبق في بعض أنواع الحيوانات البرية في القطب الشمالي خلال السنوات الـ 150 الماضية، ويعتقد أن هذه الزيادة ترجع إلى النشاط البشري.

الاتجاهات العالمية بشأن انبعاثات الزئبق وتأثيراته

يوضح تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن الانبعاثات العالمية للزئبق قد ظلت مستقرة نسبيا في السنوات العشرين الماضية، ويٌعتَقَد أن الانبعاثات في 2010 الصادرة عن أنشطة الإنسان أقل قليلاً من 2،000 طن.

على الرغم من تحسين توافر البيانات بشأن الزئبق، لا تزالالتقديرات عن حجم الانبعاثات غير دقيقة، وتتراوحما بين 1010 و 4070 طن.

وبالإضافة إلى حرق الفحم، لا يزال استخدام الزئبق لفصل المعادن عن الخام في تعدين الذهب على نطاق ضيق المصدر الرئيسي للانبعاثات في جميع أنحاء العالم.

أما الانبعاثات السنوية الناجمة عن تعدين الذهب على نطاق ضيق فتقدر بحوالي 727 طن، أو 35 في المائة من مجموع الانبعاثات العالمي.

وتشكل زيادة التعرض للزئبق تهديدًا مباشرًا على صحة نحو 10-15 مليون شخصيعملون بصورة مباشرة في تعدين الذهب على نطاق ضيق لا سيما في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية. ومن المقدر أن 3 مليون امرأة وطفل يعملون في هذه الصناعة.

توجد وسائل وطرق منخفضة ومنعدمة الزئبق متاحة لاستخراج الذهب، ولكن الظروف الاجتماعية والاقتصادية وانخفاض مستوى الوعي بشأن مخاطر الزئبق هي العوائق التي تحول دون اعتماد تقنيات أكثر أمانًا.

وقال السيد فرناندو لوغريس (أوروغواي)، رئيس لجنة التفاوض الحكومية الدولية: “يعتبر تعدين الذهب الحِرَفيوعلى نطاق صغير تحديًا رئيسيًا في الجهود الرامية إلى الحد من انبعاثات الزئبق”.

وأضاف السيد لوغريس: “وبينما نراعى الآثار المترتبة على التنمية الوطنية، يجب أن ننتقل إلى وضع أهداف وطنية وأهداف للحد من الانبعاثات. يجبعلى الجهود الأخرى أن تركز على إضفاء الطابع الرسمي على القطاعغير المنظم إلى حد كبير. فضلا عن الحد من المخاطر الصحية الناجمة عن الزئبق، وهذا يمكن أن يعطي العمال المزيد من الحقوق بموجب قوانين العمل”.

يعد حرق الفحم السبب وراء انبعاث نحو 475طن من الزئبقسنويًا، أو حوالي 24 في المائة من مجموع الانبعاثات العالمي.

وعلى الرغم من زيادة احتراق الفحم في مناطق محددة، ساهمتقواعد مكافحة التلوث الصارمة في عدة بلدان في الحد من انبعاثات الزئبق الناتجة عن حرق الفحم وساهمت فيإحداث توازن في ظلتزايد الانبعاثات الناجمة عن النشاط الصناعي المتزايد.

تشمل المصادر الإضافيةالأخرىللزئبق الملقى عليها الضوء في منشورات برنامج الأمم المتحدة للبيئة ما يلي:

  • المعادن وإنتاج الأسمنت من خلال استخراج الوقود واحتراق الوقود الأحفوري.
  • طب الأسنان: يستخدم نحو 340 طن من الزئبق سنويًا لصناعة حشوات الأسنان والمنتجات الأخرى، وعلى الأرجحتؤول 100 طن منها إلى مجرى النفايات المنتجات الاستهلاكية مثل الأجهزة الإلكترونية والمحولات والبطاريات والمصابيح الكهربائية الموفرة للطاقة ومستحضرات التجميل مثل كريمات تفتيح البشرة والمسكرة، ومن الممكن للزئبق الموجود في هذه السلع أيضًاالدخول إلى مجرى النفايات.
  • إنتاج البلاستيك – ولا سيما صناعة البولي كلوريد الفينيل –  وهو مرتفع الطلب في العديد من البلدان التي توجد فيها مشاريع بناء واسعة النطاق صناعة الكلور والقلويات (إنتاج الكلور والصودا الكاوية من الملح)
  • التعدين الأولي – على الرغم من انحصار هذه الممارسة في عدد قليل من البلدان مع وجود بلد واحد فقط (قيرغيزستان) هو الذي مازال يصدر.

 العمل على الزئبق

le-mercure

وفقا للتقارير، فإنالجهود المبذولة لمعالجة التهديدات البيئية والصحية التي يشكلها الزئبق قد زادت خلال العقود الأخيرة.

  • حددت الشراكة مابين برنامج الأمم المتحدة وميركوري برودكتس هدف الحد من الطلب على موازين الحرارة (الترمومتر) المحتوية على الزئبق وأجهزة قياس ضغط الدم بنسبة 70 في المائة بحلول عام 2017
  • انتهتالولايات المتحدة الأمريكيةمن معيار الزئبق وسموم الهواء الذي من المتوقع أن يحد من انبعاثات الزئبق بنسبة 20 طن بحلول عام 2016
  • فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على صادرات الزئبق في عام 2011
  • وجود خطط عمل وطنية من الأرجنتين وأوروغواي وغيرها من البلدان، بدعم من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، لإيجاد الحلول السليمة بيئيا لتخزين الزئبق الزائد والفضلات والتخلص منهما

 وعلى الرغم من هذه الخطوات، فإن العمل المنسق على المستوى العالمي للحد من المخاطر البيئية والصحية الناجمة عن التعرض للزئبق يعدبطيئًانسبيًا.

وتوضح دراسات برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن العمل المتسارع، مثل وضع صيغة نهائية لمعاهدة ملزمة عالميا، وتعزيز توافر التقنيات منخفضة الزئبق وغيرها من التدابير،قدتؤدي إلى نقص كبير في الطلب على الزئبق في العشر سنوات القادمة.

لتحقيق ذلك، يجب توقف التعدين الأولي للزئبق في أقرب وقت ممكنوتلبيةالطلب عليه من خلال الاستثمار في تدابير إعادة التدوير المحسنة.

وينبغي أن تكفل الحكومات الأطر التنظيمية والحوافز لتشجيع التحول إلى بدائل قابلة للتطبيق وآمنة وتجارية، مما يؤدي إلى انخفاض انبعاثات الزئبق والملوثات الأخرى.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!